البيتكوين: كل الحقيقة حول مستقبل العملات النقدية

عزيزي القارئ تخيل خلال كتابة هذا المقال، وصلت قيمة عملة البيتكوين إلى أكثر من أربعة و خمسين آلف دولار. وربما خلال قراءتك للمقال سيكون الرقم أعلى. لذلك من باب الفضول دعنا  نأخذك إلى أماكن سرية حيث تخزن هذه العملات الرقمية التي أصبحت محطة اهتمام دول و كيانات اقتصادية كبرى كالصين التي بدأت إطلاق عملتها الرقمية بشكل تجريبي، و روسيا التي تدرس الأمر بذاته. بينما تتخوف منها وتحظرها دول أخرى فهي تراها أداة للمعاملات الغير شرعية. إذا هي لننطلق معا للتعرف عن قرب على البيتكوين وأسراره.

قبل الحديث عن البتكوين لابد علينا التعرف أولا على العملات الرقمية، هذه العملات  باختصار هي رصيد مالي مسجل إلكترونيا على بطاقة ذات قيمة مخزنة أو الحاسوب . هذا المصطلح يشمل أيضا “العملات الافتراضية”، التي بدورها هي الأخرى تشمل “العملات المشفرة”. و كل هذه العملات عبارة عن عملة مماثلة للعملات العادية سواء أكانت معدنية، أو ورقية. لكنها تكون مشفرة، و افتراضية لا يمكن لمسها، ولا امتلاكها، أو إنفاقها إلا باستخدام المحافظ الالكترونية، آو الشبكات المتصلة المعينة. لأنها متاحة فقط على شكل رقمي أو إلكتروني، بالتالي تمكنك العملات الرقمية من شراء البضائع و الخدمات عبر الانترنت

:الفرق بين العملات الرقمية

العملة الرقمية تمثل الأصول النقدية في شكل رقمي. فعندما يقوم البنك المركزي للبلد بإنتاج عملة ذات شكل رقمي من العملات المحلية. تصنف في هذه الحالة كعملة ذات سيادة وجهة مركزية وذلك لأنها منظمة و يتم التحكم بها من جهة مركزية.

 عكس العملة الافتراضية التي تشكل نوعا من العملات الرقمية التي تظل غير منظمة. لأنها عبارة عن عملات رقمية غير مركزية، بالتالي لا يتم التحكم بها من جهة مركزية.

أما العملات المشفرة فهي جزء من العملات الافتراضية، تساعدنا في إدارة عملية إنتاج وحدات جديدة من العملة والتحكم فيها. بطريقة مبسطة أكثر العملات المشفرة هي: نقود جديدة يتم خلقها، و تخزينها في أجهزة الكومبيوتر، باستخدام خوارزميات، و تقنيات التشفير. لضمان أمن المعاملات المالية عبر الشبكة. و هكذا بفضل هذا المستوى من الأمان يصعب التلاعب بها آو تزويرها

ففي هذه الحالة أصبح بإمكاننا إصدار عملة خاصة جديدة دون المصاريف أو الحكومات. لأن النقود المشفرة تعمل كنظم لا مركزية قائمة على قاعدة بيانات. لا تحتاج إلى وسيط، أو طرف ثالث موثوق به، كشركة بطاقات الائتمان أو البنك المركزي. بالتالي عادة ما تكون المعاملات فورية وغير مكلفة. بالإضافة إلى هذا تسهل عمليات النقل من نظير إلى آخر من خلال استخدام مفاتيح خاصة و عامة

وفقا  لموقع  انفوستوبيديا.  يتم إطلاق العملات الرقمية طوال الوقت دون توقف، ففي بداية  2021فقط  كان يوجد أكثر  من 4000 نوع من العملات الرقمية المتداولة، أما القيمة الإجمالية لجميع العملات المشفرة الموجودة فتبلغ حوالي 1,5  تريولين دولار، و تمثل البيتكوين حاليا 60% من القيمة الإجمالية، بالتالي البتكوين هي العملة المشفرة الأكثر شعبية مقارنة بالقيمة السوقية لباقي العملات الرقمية التي لا تتعدى 40%  

قصة البيتكوين

في أعقاب الأزمة العالمية في  2008 قام شخص غامض أو  مجموعة تتستر خلف اسم ساتوشي ناكاموتو بنشر ورقة بحثية تتضمن فكرة إنشاء عملة أطلق عليها تسمية بيتكوين عملة مثلها مثل أي عملة نقدية لكن يقتصر استخدامها و التعامل بها فقط في الانترنت. 

وفي عام 2009تم تعدين أول كتلة بتكوين ، كنظام نقدي الكتروني يعتمد في التعاملات المالية على التعامل المباشر بين نظير و نظير آخر عن طريق الشبكة دون المرور ببنك مركزي أو طرف ثالث

 بالتالي البيتكوين تمثل في الوقت نفسه شيئين متباينين فهي عملة، وشبكة مدفوعات كبايل بال و فيزا. إلا أن البيتكوين تحمل خاصية أخرى هذه الخاصية هي قابليتها للنقل الافتراضي. لأي مكان في العالم في لمح البصر و بشكل مجاني تقريبا

بمفهوم مبسط أكثر باستخدام البيتكوين تكفيك ضغطة زر واحدة، لإرسال أو تلقي مدفوعات من أي مكان في أي وقت. بالإضافة إلى عدم وجود أي شروط مسبقة أو قيود

فهم البيتكوين

البيتكوين هي عملة لا تخضع لسيطرة الحكومات أي لا مركزية، يتم الإعتماد في تحديثها باستمرار و في إنشائها من خلال الشبكة على أجهزة حاسوب ذات كفاءة و فاعلية عالية جدا ،تكون مصممة خصيصا لهذا الغرض. فعملية إنشاء البيتكوين تتم ضمن عملية يطلق عليها “عملية التعدين” اعتمادا على أجهزة الكومبيوتر، أين يتم ربط عدد كبير من تلك الأجهزة لتعمل معا على فك و حل خوارزميات و شيفرات رياضية معقدة ،وتأكيد ومراجعة الأرقام والرموز من ثم تحويلها إلى نظام مشترك يسمى  “بلوكتشاين” (سلسلة الكتل). طبعا تتم هذه العملية وتعمل خلال جميع ساعات اليوم من قبل مستخدمي البيتكوين الذين يطلق عليهم اسم “عمال المناجم”  إذ يقوم هؤلاء المستخدمون بعملية حفظ البيانات وعمليات التداول و تسجيلها ، من ثم لقاء استخدام كومبيوتراهم يرسل عدد معين من البيتكوينز بشكل عشوائي لهم.

غالبا ما تستغرق عملية تعدين البيتكوين الواحد في المتوسط حوالي 10 دقائق على الشبكة. لحل البرامج المعقدة ومعالجة كتلة ما. مستهلكتا في ذلك كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية. نظرا لتوافد الكثير من الأشخاص للقيام بعمليات التعدين للحصول عليها و تفادي رسوم معالجة المعاملات 

هكذا خلقت أول عملة رقمية ويتم صناعتها، عملة لا تشبه الأموال التقليدية الأخرى كاليورو و الدولار….إلخ عملة يمكنك التعامل بها وأنت مجهول الهوية ,عملة  ليست مرتبطة بدولة أو حكومة إذ لا توجد أي سلطة مركزية تتحكم بإصدارها أو بعددها أو بإنتاجها لنظرا لاعتمادها في عملها على تكنولوجيا البلوك تشين كل هذه النقاط جعلت البتكوين خارج التعاملات الاقتصادية التقليدية مما يجعلها أيضا مرغوبة للقراصنة و رجال المافيا و الممنوعات لبعدها عن أعين السلطات .  

هل البيتكوين أمن

أحد النقاط التي تجعل الكثير من الأشخاص المتعاملين بالعملات الرقمية يفضلون استخدام البيتكوين، كونها عملة مشفرة تعتمد في عملها على تقنية “البلوك تشين” التي تتميز بصعوبة اختراقها واستحالة تزويرها او تزييفها بالتالي تعد هذه التقنية من أكثر طرق نقل ودفع الأموال أمانا. لكن هذا لا يعني أن التعامل بالعملات المشفرة أمن مئة بالمئة ولا يجوبه أية مخاطر

مشاكل البيتكوين

حسنا صحيح أن البيتكوين عبارة عن سلسلة معقدة جدا من الخوارزميات، و التشفير، إلى أن هذا لا يعني أنه لا يمكنك مواجهة أية مشاكل فالإحتيال و انتهاك الخصوصية يعتبر أمرا شائعا في هذا المجال وهناك أيضا العديد من المشاكل الأخرى سواء من الناحية القانونية، إذ دائما ما يكون هناك احتمال قيام الدول بتقييد الحق في الحصول أو حيازة، أو بيع ،أو استخدام  العملات الرقمية من جهة

و من جهة أخرى تختلف وجهات نظر المشرعين بخصوص هذا النوع من العملات من دولة إلى أخرى، ويعود ذلك، بسبب الخوف من استخدام المنظمات، و التنظيمات الإرهابية للبتكوين من أجل توفير المال .  كما يمكن أن  تواجهك مشاكل من الناحية الاقتصادية أو التقنية. ففي أبسط الحالات إن تعطل جهاز حاسوبك أو في حالة عدم امتلاكك نسخة احتياطية من المقتنيات ستخسر كل ما تملكه من البيتكوين. وستقع في نفس الوضع إن قمت بوضع مفتاحك الخاص في غير مكانه. إضافة إلى هذا يوصف التعامل بالعملات المشفرة بالفقاعة. وذلك لكونها تميل إلى التذبذب في الأسعار، لأن قيمتها تعتمد فقط على العرض و الطلب.

كما أنه نظرا لغياب القوانين التنظيمية للبيتكوين كونك مستثمر في هذه العملة، لا تتمتع بالحماية الكاملة من عمليات الاحتيال والخسائر. وعليه ينصح خبراء هذا المجال لتفادي تعرضك لعملية الإحتيال باستخدام أكبر برامج الصرف كتطبيق “كوين بايس “. ولكن هذا لن يضمن لك عدم فقدانك لمالك إذا إنهار السوق 

رأي القانون في العملات الإفتراضية

تختلف إجابة هذا السؤال، من بلد إلى أخر فهذا متعلق بالمكان الذي تعيش فيه. فبعض البلدان يحظر استعمال البيتكوين فيها بشكل رسمي كالجزائر، بوليفيا، الإكوادور، بنغلاديش، نيبال، كمبوديا، إندونيسيا، باكستان، الصين، أيسلندا.

و هناك بلدان أخرى تحث مواطنيها على عدم الاستثمار فيها، لأنهم يرون أنها غير آمنة. أما الدول التي تسمح بتداول العملات الرقمية عامة واستخدام البتكوين على وجه الخصوص يطلق عليها لقب “صديقة الكريبتو”. وذلك بسبب اللوائح التي تنظم العمل بهذا النوع من العملات وبسبب كون الأنظمة فيها أكثر تقدما من الدول الأخرى. كالولايات المتحدة، كندا، أستراليا، المكسيك، نيكاراغوا، كوستاريكا، قيرغيزستان، قبرص، الإمارات العربية المتحدة، اليابان، سويسرا، مالطا.

هناك مسألة أخرى قد ترغب في النظر فيها، وهي فرض الضريبة على البيتكوين هنا أيضا لا توجد إجابة محددة بخصوص ها الموضوع ،إد يختلف هدا الأمر من بلد إلى أخر فبعض البلدان سنت قوانين خاصة بها فيما يخص العملات الرقمية وهذا هو الحال في أمريكا فحسب (مصلحة الضرائب) دائرة الإيرادات الداخلية وهيئة الأوراق المالية والبورصة، بأن العملات المشفرة تعتبر أصولا أي ليست عملة محلية أو أجنبية  بغض النظر عن استخدامك لها ، ومنه أكدت مصلحة الضرائب عام 2014 أنه سيتم فرض عقوبة على عدم الإبلاغ عن الأرباح المستمدة من العملات المشفرة، أي عند استخدامك للتشفير قد تتعرض للخسارة أو الربح.  

هل سنتعامل قريبا كلنا بالعملات الإفتراضية؟

مستقبل البيتكوين مرتبط في الأساس بقرارات الحكومات إن كانت تقنن العملات المشفرة أم تمنعها. وحسب العديد من الخبراء نظرا لتوجه العالم نحو الإفتراضية الرقمية. يمكن اعتبار البيتكوين تلك العملة التي ستأخذ منصب العملة العالمية التي تحدث عنها الاقتصادي الكبير ” جون ماينارد كينز” خلال أربعينات القرن الماضي.

كما يقول ” آدم وايت” رئيس مؤسسة التبادلات عبر العملات الرقمية “كوينبايز” أنه في العالم الرقمي  يمكن اعتبار العملات المشفرة بديل للذهب . ويتوقع الصحفي ” جيم كرامر” أن البيتكوين قد تصل سعرها يوما ما إلى مليون دولار

لكن نظرا لوجود العديد من العملات المشفرة التي ظهرت بعد البيتكوين، يعتقد بعض الخبراء أن البيتكوين سيتم تعويضها بتلك العملات الجديدة يوما ما وبالتالي لن يكون لها مستقبل. إلى أن مجلة أخبار البيتكوين  “فورتيكس” ترى أن كل العملات المشفرة تعتمد على البيتكوين باعتبارها الذهب الرقمي.

و من جهة أخرى بما أن البيتكوين لا تملك مخزن القيمة، ووسط التبادل ، ووحدة الحساب. أي أنها لا تحقق الشروط الأساسية لتكون نقودا أكد المحرر “رون انسانا” على أن البتكوين ليست العملة المناسبة لتكون العملة العالمية. ويشاطره الرأي المدير التنفيدي لبنك الشركة العامة الفرنسي “فريدريك أوديا” إذ يرى أن العملات المشفرة بشكل عام تعتبرة نعمة ونقمة في نفس الوقت وبالتالي يرى أنه لا يمكن أن يكون هنالك مستقبل للعملة المشفرة .

في الأخير في وقت بدأت فيه السلفادور بالتعامل وقبول البيتكوين كعملة رسمية للبلاد ، و الصين تحارب العملات المشفرة وتضيق عليها أكثر فأكثر .  مارأيك حول مستقبل العملات الرقمية عامة والبيتكوين تحديدا و القبول المتفاوت لها حتى الأن من  قبل الدول و المنظمات

شاركنا ذلك في التعليقات